لدي مشكلة وهي أني أصبت بالوسوسة من وسط أو نهاية سنة 1424هـ تقريبا. في البداية كان بعض القطرات تخرج من ذكري بعد قضاء الحاجة، لم أكن أعلم حينها أنه الودي وأن خروجه يبطل الوضوء والصلاة، استمريت على أنه أمر لا قدرة لي عليه وأنه لا شيء علي إن خرج، ما دام أنه يخرج بغير إرادتي، استمريت على ذلك فترة طويلة نوعا ما، ثم تنبهت لخطئي، وتجاهلت ما مضى، وحاولت أن لا أقع في مثل ذلك مرة أخرى بعدها أتتني الوسوسة أنه لا يجب أن أخرج من الخلاء حتى أضمن أنه لن يخرج شيء في الصلاة، وبدأت مشكلة وهي عصر الذكر لإخراج ما فيه، وبدأت أطيل المكث في الخلاء لوقت ليس بالقليل وطرأ علي خلالها وسوسة الريح، مع العلم أني أحبسه كلما طرأ علي في الصلاة ومضيت في هذه الوسوسة حتى أني الآن شفيت بشكل كبير جدا جدا من مسألة وسوسة الريح، وأما الذكر فلقد خفت الوسوسة إلى ثلاثة أرباع وبقي الربع، وأنا الآن أستخدم ملبسين داخليين، أحدهما للصلاة والآخر للمنزل والنوم، وأشعر أني لا أستطيع أن أتركهما مع أنهما قد يسببان لي إحراجا كبيرا جدا إذا كنت خارج المنزل ودخل وقت الصلاة. المهم أن لدي العديد من الأسئلة كنت قد كتبتها بشأن ما طرأ علي أثناء معاناتي مع الوسوسة، وكنت في البداية أكتب أسئلة بكثرة في بداية الوسوسة، لكن الآن خفت بشكل كبير جدا.
الفتوى :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الوسوسة مرض يعرض لبعض الناس ويزول بالصبر والمجاهدة، ونحمد الله عز وجل الذي عافاك منه ونسأله سبحانه أن يتم ذلك عليك إنه جواد كريم.
والتغلب على هذه الوسوسة بالكلية سواء كانت في العبادة أو في الأفكار أو غيرهما يكون بصدق الالتجاء إلى الله تعالى، واللهج بالدعاء والذكر ليكشف الضر ويدفع البلاء، وليطمئن القلب. قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ [ سورة النمل: 62]. وقال تعالى:الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [ سورة الرعد: 28].
ومما يندفع به الوسواس الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأما لمة الشطيان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ [ سورة البقرة: 268]. رواه الترمذي.
وعن عثمان بن أبي العاص قال: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثا. قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. رواه مسلم.
ومما يندفع به الوسواس ما ذكره العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله بقوله: للوسواس دواء نافع هو الإعراض عنه جملة، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها وإلى شيطانها. ا.هـ. وقال العز بن عبد السلام وغيره: دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني وأن إبليس هو الذي أورده عليه، وأن يقاتله، فإن له ثواب المجاهد، لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فر منه.ا.هـ.
ومما يعين المرء على طرد الوسواس علاوة على ما سبق:
1- ذكر الله تعالى في كل حال، فقد روى أبو يعلى عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان وضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خنس، وإن نسي التقم قلبه، فذلك الوسواس الخناس.
2- قراءة القرآن وخاصة قراءة المعوذتين.
3- الدعاء واللجوء إلى الله.
4- الإكثار من الطاعات.
5- البعد عن الذنوب والمعاصي.
والله أعلم.